jeudi 8 mars 2012

أخاف من الحب

أخاف من الحب أخاف
ومن السعادة العمياء
ومن عيون كالسماء
أما زلت يا قلبي تنتظر الشمس
ونحن المساء ؟
وتحاول أن تنبض في مدينة
بلا دم ولا حرية ولا هواء
فكل الناس فيها سواء
إلا أنت وسجائرك السوداء .
أخاف من الحب أخاف
ومن الطقس الحلو و الجو الجميل
و من القمر حين يصير بدرا
ومن نقطة يسمونها صفرا
أخاف أن أحبك
فتقاسمني النجوم يوما سماءك
فأتيه
وتتقلب الحيتان في أمواجك
فأضيع
أخاف من ملحك الأبيض على جرحي .
أخاف عليك من بوحي
أخاف من حروبي التي لم أخضها
من كلمات لا زلت بعد لم أقلها
فالحب في مدينتي عبارات
ثكلى بالأوجاع والآهات
وإذا ما أرادت أن تعبر
عليها أن تسلكا طريقا اسمه التناقضات
فالحب في مدينتي ممنوع
وآفة خطيرة كالإدمان والجوع
أخاف من كلمات لا زلت بعد لم أقلها
ومن حروب مازلت لم أخضها
أنا التي صمتت ألا ف السنين فكيف لي أن أتكلم
أنا الذي كان البكم مرضي الأزلي فكيف الآن ألا أتألم
أنا التي عجزت عن إنشاء جملة مفيدة
عن أشياء عدة و عديدة
والآن أكتب عنك وعن عيونك الفريدة,
فأخاف عليها وعليك
مني
من تناقضاتي
من قلة جاذبيتي للأرض
من قلة انتصاراتي
وكثرة انكساراتي
وعدمية حروبي
أخاف عليك من تناقضات قلبي
أخافك أن تركب قطارا بلا وقود
أخاف أن تودعني يوما
وأقول لك يا ترى ما جدوى الوعود
أخاف أن أغرق في زرقة عينيك
وأن تضيع أن في حيادية عيوني
و أخاف على نفسي
فأنا اعتزلت مملكة العشق سنينا
بعدما أرهقت روحي كثيرا
والآن أرجع إليها حافية الأقدام
غفرانك قلبي غفرانك
أخاف من الحب أخاف
ومن الكلام و الاحتمالات
أخاف من ناس تشبهني و أناس أشبهها
و من الخطوط المتوازية التي لا تلتقي
من الناس الضائعة
من الناس المسافرة
من الناس التي تبحث عني وأبحث عنها
يا عيونا تشرب منها الناس إذا أدمعت
كوني حلما
كوني جملة في سطري يوما
كوني أملا
وكوني عشقا في روح متعطشة
كوني حرية
كوني رائحة البحر والحياة
وأخيرا
كن أنت وعيونك ولا تغادر
وعدني ألا يكون بحرك عميقا كي لا أخاطر

vendredi 21 octobre 2011

I:
لا تنتظر أحدا
لا داخل المحطة ولا خارجها
فالقطار الذي يحملهم جميعا
اختفى أبدا
A:
لاتنتظر القطار الذي قد سيأتي غدا
فالقطارات على السكة الواحدةلا تلتقي أبدا
لا تنتظر،
... فالانتظار قد يطول فالوقت يمضي
و أنت عنه مسؤول
I:
لا تنتظر أحدا
ولا تدع الانتظار يطول
ولا تكن في هذا الأمر إنسانا صبور
ولا كلبا وفيا لصاحبه المغرور
فما كل من انتظرناهم أدخلوا على قلبنا السرور
A:
فمنهم من جعلونا مجرد محطة عبور
ومنهم من مر علينا مرور الزائر للقبور
لا تنتظر من ركب القطارفقد يصيب القطار خلل.
.. لاتنتظر من ركب القطارفقد يصيبك الملل
قد تعتريك العلل
قد يصيبك أمر جلل
فمن الانتظار ... ما قتل
I:
لا تنتظر
فقلبي هذا المسكين يحتضر
و سيموت قبل أن تأتي وتعتذر
وفي جنازته أرجوك احمل له عذرا صادقا ...
ولا تكن بالأكاذيب ناطقا
واعلم أنه كان هناك يوما
ينتظر
يحتضر
يبتسم للضباب
يبحث لك عن أعذار
لقد كان هناك في محطة القطار
و أنت كنت سائحا محتار
A:
محتارا تبحث هنا و هناك
وهو كان فقط في الجوار
لم يكن مختفيا وراء الستار
لم يكن بينك و بينه سوى أمتار...
كان جليا كشمس النهار
كزرقة المياه في البحار
كيف لم تسمع دقاته تعلواكلما اقتربت
كيف لم تسمع أنينه يبكي كلما ابتعد
تفقد كان مشتاقا ليوم اللقاء
واللقاء عندك سواء
كان مشتاقا للبقاء
وأنت حكمت عليه بالفناء
I:
أيا ترى لم تصدقه عندما قال لك أنه اشتاق
وأنه تألم كثيرا عندما لم تقل له حان موعد الفراق
وخاف كل يوم ألا يكون له نصيب من عيناك
وصلى كل يوم كي يدعوا ليرى ثانية محياك
قلبي هذا الذي لم يراك...
إلا ثواني قليلة و ثم هواك
ألم تعده ألا تنساه أبدا
ألم تعده بأنك ستأتي غدا
أحقا أن انتظاره سيذهب سدا؟
لا عليك يا قلبي الجريح ستنساه ستنساه
ومدينتك ستنفض الغبار عن أماكن لقياه
آه يا رباه لو كنت فقط لم أعرفه ولم ألقاه
A:
لا, لن أحزن عليه بعد الآن
سأحطم ساعة يدي سأجعل لباب قلبي قفلاوسأمحو من عليه العنوان...
سأبني عند مدخله الجدار
وسأعلق لافتة على الجدارمكتوب عليها: ممنوع الانتظار
فلن أنتظر أحدا بعد الآن لن أسجن نفسي في المحطة كأني سجين خلف القضبان
لن أنتظر القطارسأكون أنا القطاروأنا المسافروأنا الربان
سأمحو في طريقي الزمان
سأمحو من كتاب الذكريات عطره المنعش وسحر عينيه وصوت ضحكته الرنان
سأمحو من كتاب الذكريات جلسته الأنيقة وما يحب من الموسيقى واحتساءه القهوة في الفنجان
لن أنتظر أحدا بعد الآن سواء كان إنسان أو غير إنسان
I:
أما أنا يا صديقي فسأشيع جثمانه الأخير من ذاكرتي
وسأرسم علي وجهه الملائكي قبرا وستكون مراسيم الجنازة في مخيلتي
وسأقول لك يا قلبي صبرا صبرا ...
فلن يكون الاستثناء
ولم يكن يوما لك العزاء
فلماذا لماذا يا قلبي كل هذا البكاء؟
كنت تعلم يا قلبي أنه هناك أناس تموت ألما وحرمانا وعشقا
فلماذا أحببت ؟
كنت تعرف النهاية
فلماذا ابتدأت
كنت تعرف أن غودو لن يأتي
فلماذا انتظرت
كنت تعلم أن سيزيف ستسقط الأرض مرارا
فلماذا حاولت
وعدتني ألا تقترف المستحيل أبدا
فلماذا خلفت
وداعاوداعا يا محطة قطار ألفته
ا ستكونين أكثر مني حظا ذات يوم
ستطأ قدماه أرضك حاملا حقيبته
وأشياءه وقلبي معه
وستخضر عيناكمن جماله
من عذب كلامه
من حلاوة ابتساماته
وستقفين جامدة صامدة
حينها ستعذرينني
لا محال وستتذكريني
A:
ستتذكرين الكلمات التي خلفتها ورائي على مقاعد الانتظار
ستتذكرين العبرات... التي هطلت من عيني على الجدار
ستتذكرين كل الذكريات التي علقتها على شباك التذاكر كتذكار
وسأتذكرك أنا أيتها المحطة
سأتذكر صراخ الطفل فرحا بقدوم أبيه
ودموع الأم تودع ابنها المسافرو متأخرا يجري للركوب عند آخر تنبيه
وغاضبا يرى القطار وهو يغادر
سأتذكر العاشقين يلوحان لبعضهما البعضولا يغادر الآخرحتى يتحرك القطار
ويختفي في الأفق بعيدا عن الأنظار
وداعا يا محطة قطار ألفتها
سأختفي أنا الآخر عن الأنظار
سأختفي ولدي الأسباب
سأرحل فأرجوكي أجلي العتاب
سأرحل من الباب
ولا أدري
هل سأخرج منه إلى النعيم
أم إلى العذاب
I:
وداعا يا محطة القطار
A:
وداعا أيها الانتظار
( قصيدة مشتركة لي ولأحد الزملاء )

lundi 3 octobre 2011

غدا سيذهب أيلول أيها الغريب

أتأتي أيتها الحقيقة من فضلك
أنقذيني من هذا الشيء الجميل
هذا الشيء المستحيل
فأنا لم أحلم في حياتي إلا بالقليل
وهذا الشيء كثير كثير
أيتها الحقيقة
أنا لست من هنا
أنا من هناك
حيث البحر والشمس والسماء
وأشخاص افتراضيين
أنا من هناك
حيث أحفر الأرض ولا أجد الماء
أجعل الطيور تأكل من أكلي فلا تعود في المساء
كفى أيها الحلم
لا تتكبد العناء
فأيلول ذاهب غدا لا محال
وأنا لا أريد أن أبقى هنا
تائهة في الأدغال
أرجوك أيها الحلم ابتعد عنا
ولا تضعينا مرة أخرى ضحية سذاجتك
فأنا أخاف
فما أزال أشم رائحة سجائره وأعتبرها عطرا
وأنظر إلى صوره وأظنها حبرا لقصائد لم تكتب
أتذكر قصصه الصغيرة فأجعلها رواياتي قبل النوم
فكيف استيقظنا اليوم نحن الذين نحب النوم
وكيف اليوم نغرق ونحن لا نجيد العوم
ونشتهي الأكل وهذا شهر الصوم .

غدا سيذهب أيلول يا حلمي الجميل
يا حبي المستحيل
ولن أراك ثانية في أوراق الخريف
ولا في صوت الرياح العنيف
ولكنك في كل شيء
في وجوه الناس العابرة
في بسماتهم الساخرة
في دقات قلب جنين في أحشاء أمه
أنت في نسمة الهواء التي تلاعب خصلات شعري
أنت في رائحة الأرض عندما تسقط الأمطار
وفي رائحة العشب عندما يأتي موسم الاخضرار
أنت في دمعي عندما أبكي
وفي دفاتري عندما أشكي
أنت في قطعة الرغيف
وفي يوميات حب عفيف
أنت في كل شيء
وفي كل شيء أنت
فكل الوجوه تشبهك
وأنت لا تشبه أحدا
كل شيء هو مثلك
وأنت لا مثيل لك أبدا
غدا سينتهي أيلول أيها الغريب
ولم أراك لا أنت ولا المطر
ففيك شيء من مدينتي
وشيء آخر من القمر
ومغادر أنت دائما كحقيبة السفر
وسينتهي أيلول غدا ولم أراك لا أنت ولا المطر .
أتأتي أيها الحقيقة من فضلك
فأنا أخاف
فما زال إيقاع صوته يصنع ألحانا في أذني
فيقنعني أنك أروع مغني
و أتمنى أنا أن أكون يوما أغنية
أرى تلك اللوحات التي تركتها
معلقة على جدار أبيض سميك
فأعلم أنك أبدع رسام
يبدع المزج بين الألوان
فأتمنى لو كنت لوحة واحدة من لوحاتك .
ليت بيدي حيلة
أو مصباح لعلاء الدين
لينني حورية
أحقق آمال الحالمين
لم أكن لأطلب غيرك لي أمنية
وتتمنى أنت
أيها الغريب
أن تراني في أمسية
أكون فيها أنا الحلم وأنا الأغنية
أيتها الروح التي تسكن جسمي فترهقه
لا تسأليني ثانية
لماذا أحببت
أيتها المدينة التي تجري في عروقي فتشبهه
لا تعاتبيني إن أخطأت
فأنا طفلة صغيرة
اعتادت أن ترسم منزلا صغيرا
فيه أشجار و أطفال و زهور الأقحوان
فنهضت يوما ووجدت نفسها رسمت فنان .

lundi 19 septembre 2011

مدينتي وأيلول

أول الخريف
وها أنا وها أنت ثانية
تائهتان ، حالمتان
أم تبحث عن هويتها
وبنت تسأل عن انتمائها .
أتى أيلول يا مدينتي
ولم يعد هناك لا وقت ولا مكان
لا للحب ولا للحرب
يا مدينة تعشق الحروب في كل شيء
وتصنع الحب من كل شيء ،
ألم يكن السلام خيارا
ما ذنب الذين لا يعشقون الحروب
ويريدون أن يعيشوا كل أيامهم في هدوء الغروب؟
لم يتعلموا طقوس لألم يوما
ولم يعرفوا جلادين يقتلون ضحايا الأمل
ما ذنب الذين لم يتلقوا دروسا في الحب
ألم يكن عشقهم دمارا
وحبهم انتحارا ؟
ولكنك كما كنت دائما
مدينة ديكتاتورية
تصنع الأمر وتعتبره قرارا .
أتى أيلول يا مدينتي
فهل اختفت الطيور فأصبحت وحيدة
وهل يشعر الأباطرة بالوحدة حقا ؟
وماذا عن الفراشات
هل تركتك لاحتمالاتك
ولم يعد بمقدورك أن تتمني أمنية
وما احتياج العباقرة للأماني ؟
لا بأس فما كنت يوما تحبين أيلول
ولا أيام أيلول
ولا عشق أيلول .
وأنا اليوم لأول مرة أحببته
وبصبر عنيد انتظرته
استغربي
ولكني اليوم عشقته
فلم أشعر بكآبته العابرة
ولا بنظريته المتشائمة
يا مدينتي يا قاهرة
لا تكوني لي اليوم لائمة
فقط
ابتسمي لي و قولي معي :
مرحبا أيها الحب
أتى أيلول
فلا أعرف ما كنت قبله
هل كنت فيك غريبة
وغريبة هي السنون ؟
لم يكن شيء لي فيك ولا لي شيء
ولم أكن أحب حرف الياء في آخر الكلمات .
لم يكن يحق إلا للشرفاء أن يحبوك
ولا يحق لي أن أتقاسم حبهم فيك
قتلتني بلا إذن من السماء
تجاهلتني حتى أصبت بالإعياء
نمت في أحضانك وأنا أحس بالعراء
أي حب هذا يلقنني الغباء؟
أتى أيلول يا مدينتي وأسئلتي كثرت
لماذا هم ولست أنا ؟؟؟
أهم أبناؤك الشرعيون ؟؟؟
و أنا ؟؟
من أنا إذن
نتيجة من نتيجة تناقضاتك
أم سبب من أسباب حماقاتك؟
ما ذنب طفل لا تعترف به أمه
ورغم ذلك يحبها
يا مدينة لا تعرفني
يا أما ترفضني وأعشقها
تقتلني فأوقظها
تلتهمني فأقبلها
يا مدينة تمتهن التناقض
فأفهمها ...
أتى أيلول
ومازال الطفل في داخلي لم يكبر
ويعلم أنه سيشتاق إليك يوما
ففي عروقه صورتك لا تقهر
فلو كنت ملحا سيكون هو السكر
يا أما لم أنفطم منها
إلا وكنت جائعة أكثر

vendredi 8 juillet 2011

عشرون عاما علمتني

بعد أسابيع قليلة سيكون عمري عشرون عاما، لا يوجد وصف ولا كلمات، كيف كانت وكيف مرت لا أعرف ، بطيئة كانت أو سريعة، أظن أن عشرون عاما هي عشرون عاما إحساسنا بالوقت هو الذي يجعلنا نضع وصفا لشيء لا يوصف هذه من الأكاذيب التي تعلمك إياها الحياة .
عشرون عاما ومازال الغضب غضبا، مازال ذلك الصمت في داخلنا لا يتكلم وعندما يفعل يلعن اليوم الذي بعده الكلام ، غضبنا من الأشياء اليومية، امتلاكنا لأشياء لا نريدها، حقدنا على أشياء لا نستطيع ملامستها. كنت أسأل نفسي لماذا الناس لا يغضبون و الآن أسأل ما جدوى الغضب في حياتنا؟ عشرون عاما تعلمت أن هناك أشياء أهم من الأكل و الشرب و التنفس تجعلك تعيش، وتستمر، كوجود الأصدقاء إلى جانبك ، وإلى عائلة تساندك، وإلى تعليم يضمن لك الغد و المستقبل إلى الإيمان الذي يجعلك تقوى على كل شيء إلى الانتماء الذي يجعلك تحس أنك واحد من الجماعة.
عند ما فقط تخسر شخصا عزيزا تدرك أنك لن تراه ثانية تحس أنه من الظلم أن يذهب بتلك الطريق حينها تعلم أن الحياة قصيرة وأنا لا وقت للاحتمالات ولا للذكريات كذلك .
عشرون عاما علمتني أني والاحتمالات لسنا صديقين جيدين.
عشرون عاما علمتني أنه لكي تكبر وتمضي قدما عيك أن تفعل الصواب وتحسن فعله، وتقع في الخطأ وتستفيد منه، وهذا قبل أن تكتشف أنهما اندثرا في كلمة واحدة لم يجدوا لها اسما بعد . لذا كل ما عليك فعله هو أن تختار وتتحمل نتيجة خياراتك .
علمتني الحياة أنه لا أحد يمكن أن يعدك بأن تكون حياتك أفضل.
علمتني الحياة أن الناس هم هدايا يوم العيد أو ذكرى يوم جميل سينقضي وسيذهبون معه.
علمتني أننا لا نخسر شيئا لا نمتلكه حقا وأنه ليس من حقنا أن نحزن عليه .
علمتني الحياة ألا تخلع قناعك أبدا كن كذابا كن متناقضا لا تكن إلا حقيقي لأن الناس لا يحبون الحقيقة حتى لو قالوا أنهم يفعلون . ليتنا نستطيع ألا نخلع أقنعتنا أبدا ولكننا نفعل عندما نحس أن الناس لن تحرق وجوهنا ولكنها للأسف تفعل.
علمتني الحياة أنه لا شيء يجعل منك إنسانا أفضل غير العمل بجهد ،ولا شيء يجعلك إنسانا ضعيف غير ترك الأشياء بلا معركة.
عشرون عاما علمتني أن الهروب هو فن عليك أن تتقنه ولكن لا تجعل منه أسلوبا لحياتك

vendredi 13 mai 2011

البؤساء

أحس بضيق في التنفس ، ففتح الباب وتوجه إلى المقبرة دون أن يرصد الاحتمالات الأخرى، كأن يركد دون توقف ودون أن يتعثر في أول قطعة صغيرة من الحجر يصادفها، أو أن يمسك كتابا يتحدث عن الخير والشر وعن الفضيلة أو أن يشعل الراديو كي يسمع أخبار الصباح، وكان ممكنا أن يحمص الخبز ويضع فوقها الجبن والمربى مع قليل من الحليب الساخن ، كان يمكن أن يتصل بصديق له ولكنه لم يفعل. كان يعرف أنه حتى لو ذهب إلى المقبرة فلن يجد قبر شخص يبكي عليه ويرثيه، ويحكي له عن معاناته في الحياة من دون أن يكون إلى جانبه ويسانده ويعبر له عن اشتياقه إلى بسماته عندما يكون سعيدا و صمته حين يكون تعيسا وإلى ترنيمات صوته وإلى حركات وجهه وتقاسيمها. لا لم يكن هناك شخص يعرفه لا أب ولا أم ولا أخ ولا صديق ولا جار حتى . ومع ذلك توجه إلى قبر شخص غريب وبدأ يحكي: أنا لا أعرفك، ولا أعرف ماذا كنت سعيدا أم تعيسا، هل كنت لاعب سلة وسيما وجميلا وجذابا تحلم كل الفتيات بنظرة منه ولكنه يتوجه دائما إلى الفتاة التي لا تعطيه قيمة وتتفه حياته. أم كنت شخصا عاديا يعمل طول النهار وينام الليل ويعيد القصة كل يوم .أم شاعرا أو كاتبا قرر أن يتخذ الكتابة ملجئا وحلا وأحسها طريقة جميلة للهروب ، أم أنت لص أردت أنت تخرج من واقعك المأساوي وتعرف أن ما تفعله خطأ ولكنك تفعل بدعوى أنك تريد أن تعيش وبأن كل الناس يفعلون ما تفعل ، أم أنت من الناس الذين يعملون طول حياتهم ويرسمون الهدف وراء الهدف وعندما يكبروا يحسون بأنه لم يعد وقت لراحة والاستمتاع يما حققوه فيموتون . كيفما كنت وكيفما لم تكن فهو شيء عادي كل شيء عادي ، الكتب المكدسة فوق مكتب قديم، الغرفة التي لا تطل إلا على الكلاب النائمة ، هذا الصراع المفتعل بين الخير والشر بين الرذيلة والفضيلة ، هذا الإحساس بالانتقام أو الغفران، كل شيء عادي الشيخ الوقور والسارق ، والفاسق والعالم وبنات الليل وبنات المدارس . كل شيء عادي لم يعد هناك شيء يرعبنا و نستغرب عندما نراه . ومع ذلك فأنا أيها الميت لا أفهم ولا أعلم ولا أستطيع أن أحلل رغم أن كل الناس يفهمون ويحللون وينتقدون ماذا يظنون نفسهم فاعلون ، هل عرفوا ما هي الحقيقة؟ أنا لا أعرفها ومازلت أسأل نفسي هل هناك شيء يستحق الحياة؟ يمكن : ككلمة شكرا من فم طفل صغير، مقاومة النعاس في الصباح، دخولك للأماكن لأول مرة، إحساسك بالأشياء لأول مرة، استمرارك في السير رغم تشقق رجليك بالدماء، سماع أغنية عبد الحليم صدفة في التاكسي أوفي الباص ، بكاء أم على طفلتها المسافرة، حضنك لشخص لم تراه منذ مدة فتبلل سترته بالبكاء ولكن لا أحد منكما يحس . صرختك فوق جبل عالي . كل هذه الأشياء جميلة ولكن لم نعد نحسها ، وحتى عندما نفعل نحسها بقلب متعب ، وعينين فارغتين . ماذا هل فقدنا تعلقنا بالحياة . لا
أعلم هل نكمل حياتنا أم علينا أن نتوقف قليلا ؟ لا أعلم ولكني أحب قصة البؤساء لفيكتور هيغو

mercredi 13 avril 2011

اللعبة

جلس يقلبها يمينا وشمالا، وبدا مقتنعا كثيرا بأهمية فتحها إلى درجة لم يتحمل الصمود حتى نهاية الحفلة، كي يكتشف ما بداخلها، لم يكن كأي طفل صغير بلغ التاسعة من عمره يفكر في كعكة عيد ميلاده ومذاقها. وحتى لم يسأل أمه ذلك السؤال البديهي (بأي نكهة كعكة عيد ميلادي يا أمي هل هي بطعم الشوكولاطة أم بطعم الموز أو بطعم آخر لا نعرفه ). ولم يكن فضوله يصل إلى حد يسأل فيه عن ما يوجد داخل كل تلك الصناديق الملونة المختلفة الألوان والأحجام، وعن الزينة التي جعلت من البيت عالما مليئا بالألوان، غريبا عن عالمه الحقيقي. أما صوت الموسيقى الصاخب وقهقهات الناس الذين يعرفهم ولا يعرفهم لم تضفي إلى كيانه الصغير إلا مزيدا من الضياع والوحشة .
دخل غرفة مظلمة وأوقد مصباحا قوي النور، كان يمسكها بحذر وفرح شديدين كما تمسك الأم مولودها لأول مرة، وكأنها لا تصدق أنها تعانق إنسان يتحرك ويبتسم وينام، وعندما يتألم أو يجوع يصرخ معلنا رفضه للحالة التي يعيشها . كانت هدية من جده ذلك الشخص الكبير والحكيم الذي طالما أحبه وعشقه لسبب يجهل معرفته حتى هو نفسه. صورة كبيرة وقطع كثيفة وصغيرة، هذا ما كانت تحتويه تلك العلبة الصغيرة .في البداية بدا متحمسا جدا وظن أنه سيكملها في الساعة الأولى، لم يكن يعرف أن اللعبة صعبة جدا، وشاقة جدا، وكبيرة جدا، يمكن لو فكر قليلا لما كان قد لعبها، ولكنه ليس من النوع الذي لا يفكر أبدا، قد يكون أراد أن يحاول مقتنعا بأن الفشل الأكبر في حياتنا هو ألا نحاول، مهما كانت هذه المحاولة ستكلفنا .
كان كل الناس قد ذهبوا أخذوا معهم هداياهم ،صخبهم وحتى الشموع التي فوق الكعكة بعدما انطفأت وذابت على جوانب الحلوى . أما هو فلم يكترث لهم ولا للشموع، فقد أمضى الليل بكامله مركزا على القطع محاولا البحث عن القطعة الأولى وعن البداية، ولكن بلا جدوى، حاول أن يبكي و لم يستطيع. وأكبر جريمة في حق الطفولة ألا تستطيع البكاء. فتح الباب معلنا استسلامه، لم يكن أحد ينتظره إلا جده الذي كان جالسا في الزاوية فقال له : لم أكن أظن أنك ستصمد إلى هذه الدرجة. فأجابه الطفل: لماذا أهديتني هذه الهدية يا جدي، رغم أنك تعلم أنها أكبر من سني بكثير وبأني لا أستطيع أن ألعبها أتريد أن تظهرني بمظهر ضعيف أمام نفسي فأحتقرها ؟ لا يا ولدي ولكن لماذا -والدموع تذرف من عينيه-. أين الخطأ يا جدي هل أنا المخطئ أم اللعبة . الخطأ ليس فيك ولا في اللعبة بل في التوقيت الذي اخترته كي تلعبها .كان لديك خياران إما أن تجلس مع أصدقائك وتستمتع بحفلة عيد ميلادك وترقص وتغني وتلعب، ومن بعدها تفتح ألعابك الأخرى وتلعب بها وستشعر بالسعادة لأن ستكملها لأنها لعب تناسب سنك، وهناك خيار آخر أن تلعب بهذه اللعبة ولكن عليك أن تكبر عشرون عاما أخرى، وهذا ليس ممكنا الآن وحتى لو كان ممكنا فمن يتخلى عن طفولته من أجل لعبة ؟ . ولكن يا جدي كلا الخيارين لا يناسباني فأنا لا أستطيع أن أكبر وكذا لا أحب لعب الصغار. إذن ضع هذه اللعبة في صندوق وكلما أقدمت على شيء تذكر هل سيساعدك على أن تصل إلى تلك اللعبة أم سيعرقل طريقك. وعندما أصل إليها ماذا سيحصل؟ ستبحث حينها عن لعبة أخرى وعن سبب آخر للحياة يستحق الحياة . أنا أحبك كثيرا يا جدي ولا أريد أن أخسرك يوما. ستحب كثيرا من الناس في حياتك يا ولدي ولكن حينها لا تكن طفلا صغيرا يتعلق بلعبة كبيرة