samedi 26 mars 2011

الأعمى

من الغريب أن تخطو خطوة من السرير إلى نافذة لا تعرفها دون أن تحتاج إلى ذلك الشيء . والأغرب أن تفتح أبواب نافذتك المطلة على المقبرة ،فتكتشف لأول مرة أنك ترى، وأنك لم تعد بعد تنتمي إلى طائفة العميان. ستجد نفسك تبحث بين شوارع مدينة لا تعرفها ، وكأنك تراها لأول مرة لأنك حقا تراها لأول مرة بعيون المبصرين ، ستبحث عن أشياء لا تعرفها، أشياء غير خيوط الظلام والمقبرة. وأول ما يبحث عنه الأعمى المشتاق إلى النور، شروق الشمس وينظر إليها محاولا ألا يغمض عينيه ، رغم الألم والدموع ولكنه لا يريد أن يحس بالظلام مرة أخرى حتى ولو لرمشة عين. العشاق والمبصرون لأول مرة ،هم فقط من يعتبرون أن الدنيا هي عبارة عن أيام من الشروق لا غروب لها أبدا. ولكن عذرهم مقبول فاشتياقهم إلى الحياة والحرية والنور أسباب وجيهة تجعلهم لا يرون غير النصف المليء من الكأس، واشتياق الأعمى إلى الركض دون أن يخاف من الوقوع بسبب قطعة صغيرة من لاشيء هو سبب أوجه.
السينما هي كذلك من الأشياء الكبيرة التي تريد أن تراها وأنت أعمى ، فجلوسك في قاعة ضخمة تشاهد فيلم رعب مع أصدقائك، هو كذلك شيء جميل ، خصوصا إذا أحسست بشيء من الخوف ليس بسبب ما تراه لأنه لا شيء بالنسبة لك، ولكن لأن صديقا تذكر أنك جالس أمامه فقرر أن يرعبك وقررت أنت أن تظهر له ولنفسك أنه حقا أخافك، فتكتشف للمرة الأولى أن حتى الخوف هو إحساس رقيق. ومن الرائع كذلك أنت تذهب إلى مطعم رفيع المستوى، يقدمون فيه شيئا لا تستطيع صنعه في المنزل لأن مكوناته معقدة،وفي الوقت الذي تمسك الشوكة محاولا أن تستكشف ذلك الشيء تسمع أغنية شرقية تحاول أن تجعل منها قصتك،وعندما تتذكر أنك جالس أمام أناس وتقنع نفسك بعدم جدوى الأحلام تتحدث في أشياء تافهة وسخيفة وأجمل ما فيها أنها واقعية ، وأبشع ما فيها أنها حياتك . وفي آخر اليوم ستحاول الرجوع إلى بيتك وتفكر في اليوم الثاني وكيف ستقضيه ، ولكن الشمس قررت أن تغرب ذلك اليوم باكرا، فوقفت في وسط الطريق ضائعا وخائفا أن تصدمك سيارة ، أو أن تتعثر بسبب قطعة صغيرة من الإسمنت ، أحسست حينها بالخوف الحقيقي، وفهمت أنه لا يمكنك أن تنتمي إلى عالمين مختلفين أو متناقضين في نفس الوقت . وفي اليوم التالي نهضت من سريرك وأمسكت بعصاك وتوجهت إلى حديقتك مقررا ألا تفتح النافذة أبدا

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire