dimanche 2 janvier 2011

المدينة الجائرة





دائما ما تأخذ مني المقدمة وقتا كثيرا لكتابتها ، أكبر بكثير من الوقت الذي يأخذه مني الموضوع نفسه ، قررت اليوم أن لا أضيع الوقت في المقدمة ،و أتناسى ذلك المثل الفرنسي الذي يقول أن البدايات فقط هي التي تحتسب ، نعم أنا دائما ما أحب البدايات لأنها جميلة و مثالية أو يمكن لأنها كاذبة ، و أكره النهايات لأنها الواقع بحمولاته الثقيلة ، و بين البداية و النهاية هناك حياة كاملة نعيش قصصها ، و نضيع بين تفاصيلها، و نرويها لأنفسنا و لغيرنا لكي نخفف من وقعها . و لكن ما يفيد الكلام فعندما تكثر علامات الاستفهام و تجد في كل جملة لها مكان فلا داعي للكلام ...

دروب هذه المدينة غريبة أكثر من غيرها ، أزقتها كامرأة شرقية لا تخلع ثيابها للغريب ، أتساءل دائما هل ما يربطني بها هو فقط واجهات المحلات التي يجب أن تبهر فتاة في سني ،
أم أنها محلات البيتزا و المثلجات ،التي أعشق أن آكلها و أنا أتجول بين دروبها ، أم لأن هناك كثير من الأشياء التي أحب أن أعرفها في هذه المدينة ، ولم أعرفها بعد ، أراها كل يوم في طريقي إلى المعهد الفرنسي ، إلى التدريب ، وفي طريقي إلى الأندلس ،والحقيقة أنني أكتفي بالمشاهدة ، و أعد نفسي بالغد ، وكما كنت أفعل دائما أبتسم ابتسامتي المثقلة بالغبار و الاسمنت و أمضي في طريقي .
لا أعلم إن كنت أستطيع أن أنتظر أكثر، مرت أكثر من عشر سنوات ، وأنا أنتظر أجول بين أزقتها و أتغنى بجمالها و أعد نفسي بها . لو تعلمين أيتها المدينة الجائرة ماذا فعلت بي ، لو تعلمين كم من الساعات و أنا أجلس في كل أمكنتك و أحلم أن تسمعيني ، كنت دائما تلعبين
معي دور الأب لا مبالي , و لكني كنت أحبك ، لأنه هذا هو الحب نار يحرقك لهيبها و تشعر بسخونتها ، ولكنك سعيد جدا لأنها تدفئك يدفئها . كنت كلما ذهبت لمدينة أخرى أتمنى أن أرجع بسرعة لأني أشتاق . أشتاق إلى هوائك الذي تفوح منه رائحة البحر ، إلى حينا الذي يملؤه صراخ الأطفال و ضجيجهم ، لأني أشتاق إلى رائحة كعكة أمي التي تلتصق في كل جدران بيتنا ، لأني أشتاق إلى أناس منهم الطيبون ومنهم الظالمون مهما كانوا فأني أشتاق .
لأنه حان الوقت أن ألعب معك دور الابن الضال سأنسحب ، سأبحث عن مدينة أخرى تحمل آلامي وتتحملها ، ولا تظلمني . لأنه حان الوقت أن أبتسم تلك البسمة التي تأتي بعد بكاء عميق لكي تقول أنه لا شيء يستحق أن نبكي عليه .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire